-A +A
صالح الفهيد
من يشاهد الآلة الإعلامية الرياضية الضخمة في بلادنا يظن أننا أكثر الشعوب ممارسا للرياضة في العالم، فالقنوات الرياضية التي تبث برامجها على مدار اليوم دون انقطاع، تتناسل وتتوالد كالأرانب، حتى أصبحت تعد بالعشرات، والصفحات والملاحق الرياضية في صحفنا اليومية تجاوز عددها المائة صفحة رياضية يوميا، هذا عدا كم كبير من المطبوعات الأسبوعية والشهرية والدورية والحولية، أما مواقع الإنترنت فلا يمكن عدها لكثرتها، هذا بخلاف وسائل الإعلام المستجدة التي تعنى بالرياضة.
ولكن هذا الظن يتبدد أمام حقائق الواقع المريرة، فكل هذا الزخم الإعلامي الهائل لا يخفي حقيقة أننا أقل شعوب الأرض ممارسة للرياضة، وأننا برغم هوسنا وتعلقنا وافتتاننا بمتابعة أخبار كرة القدم، إلا أننا معوقون رياضيا، وأننا نحتل موقعا متقدما في قائمة الشعوب الأكثر بدانة، وأن الأمراض المرتبطة بقلة ممارسة الرياضة تنتشر في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم.

وتعجب أشد العجب أن غالبيتنا ممن لا يكف عن الحديث عن كرة القدم وأخبارها وتطورات مسابقاتها ونجومها، لا يجيد ولا يمارس أية لعبة رياضية على الإطلاق. بل أكثر من ذلك لا يمارس حتى رياضة المشي، ولو قدر عليه صعود الدرج لوجدته يلهث في منتصفه، ويصعد بتثاقل والعرق يتصبب منه وكأنما صعد جبلا شاهقا.
والحقيقة أننا شعب غير رياضي، وهوسنا بمتابعة الكرة لا يعني أننا رياضيون حقيقيون، فنحن متطفلون على الرياضة من بوابة الفرجة، وغالبا نتابع مباريات الكرة في المدرجات وفي أيدينا كيس (فصفص) ونثرثر، وأقدامنا مخدرة، أو نتابعها من البيوت ونحن ممددون بتكاسل على الكراسي الوثيرة.
وقبل أيام تابعت برنامجا على قناتنا الرياضية استضاف مجموعة من النقاد والكتاب والمحللين الرياضيين وكانت الجلسة لا تمت للرياضة بصلة فالمذيع والضيوف قاعدون على كنبات من النوع الذي يغطس فيه نصف الجسد، وفي وضعية لا تناسب سوى قيلولة يوم حار في صيف الرياض اللاهب، والكروش كانت تتدلى من أجساد الضيوف وكأنما تمد لسانها للمشاهدين، وهذا مثال بسيط يعكس صورة عن حقيقة علاقتنا المشوهة بالرياضة، ويؤكد أن رموز وشخصيات الوسط الرياضي ليست رياضية.
انتهت المساحة والحديث لم ينته، وله تكملة الأسبوع المقبل.